عدد المساهمات : 318 تاريخ التسجيل : 29/08/2009 العمر : 29
موضوع: خطط التنميه التعليميه الثلاثاء أبريل 06, 2010 2:56 am
يتلازم التخطيط مع كل جهد موجه للفرد أو الدولة كسلوك تلقائي، ولكنه في غالي الأحيان لا يكون ذا أثر فعال إلا عندما يكون مجهودا هادفا من اجل التنمية الشاملة لرفاهية الفرد والمجتمع. ولعلنا نسترجع العناصر الرئيسة لهذا المجهود المسمى بالتخطيط حتى نرى وجه الصلة بينه وبين التنمية . فالتخطيط يعني الاختيار لمسار محدد من السياسات العامة كما يعني أيضا تخصيص ميزانيات وموارد معينة لإنجاز الخطط . التخطيط يعني أيضا تحقيق الأهداف المحددة لتناسب طموحات الدولة، كما يعني بالطبع التفكير المستقبلي لتحقيق الأهداف على مراحل حسب حجمها(3). بهذه العناصر يتضح لنا أن التنمية والتخطيط متلازمان فالتنمية هي أهداف طويلة المدى ويتم تحقيقها على مراحل عبر خطط تنموية محددة وتراجع بعد كل فترة. يبقى بطبيعة الحال تحديد مفهوم وشمولية التنمية وماذا يقصد بهذه الكلمة.
المفهوم الدولي للتنمية
إن مراجعة التراث العلمي حول موضوع التنمية تظهر لنا التنوع والتباين الشاسع في المفهوم للتنمية. فمن تحديد المفهوم تاريخيا بمدى تطور الدول في الجانب الصناعي وذلك يعود بشكل رئيس لكون كل من كتب عن التنمية ينتمي إلى مجموعة الدول الصناعية والذين يسمون أنفسهم بالعالم الأول (4).إلى تحديد المفهوم بتطوير قدرة الدول والشعوب على النمو و توفير وسائل العيش الكريمة من مصادر طاقة وانتاج وغذاء وكماليات وغيرها (5). وفي المقابل هناك المفهوم الاقتصادي الإداري للتنمية والذي يقول بأن التنمية الحقيقية للشعوب هي تلك التي تقوم على التطوير المركز للقدرات الخاصة والمهنة للفرد لأن البشر هم الثروة الحقيقة للشعوب (6). هناك أيضا التعريف المعرفي للتنمية والذي مفاده أن المجتمع ينمي مصادره البشرية بالتعليم والتدريب لأفراده من اجل التنمية في هذا المجتمع. أي أن التنمية الحقيقية تكون بالاستثمار في تطوير وتنمية الإنسان والذي بدوره يقوم بتنيمة مجتمعه (7). ومن أجل ذلك ظهر تيار فكري حديثا يدعو لأعادة النظر في خطط التنمية الشاملة للدول على أساس أن هذه الخطط التنموية تصمم بحيث يكون الهدف الأساس هو التنمية البشرية بالمقام الأول وان التطور المادي والاقتصادي والصناعي يأتي بعد بناء قاعدة عريضة من ذوي التأهيل العالي من المواطنين (. وقد تبنت بالفعل كثير من الدول هذا المسار مما أعاد خلط الأوراق فيما يسمى بتصنيف الدول تنمويا حسب المعايير الدولية السائدة والذي أدى بدوره إلى إيجاد معيار جديد لتصنيف الدول تنمويا(9).
التنمية البشرية والمعايير الدولية
يعتقد الكثير أن مؤشر التنمية هو في معايير التمدين أو المدينة وهو ما يعرف بالنمو الحضري و مدى ما تسجله الدول أو الأمم من علامات التنمية الحضرية المبنية بشكل خاص كالمدن والطرق والجسور والسدود والمطارات والمصانع وغيرها. و بذلك أصبح الإنجاز المادي هو المؤشر على التنمية في تجريد خالص للجانب المادي ناسين أو متناسين الجانب البشري و الذي هو الباعث الحقيقي لكل هذه المنجزات. و عليه فلعل من المناسب تحديد هذا المفهوم لدينا قبل الاسترسال في حديثنا هذا . فالتنمية الحقيقية كمؤشر للرقي البشري أو الحضاري تكمن في مدى نمو الجانب المعرفي و الخبراتي للأنسان ، و لذلك فإننا نجد أن كثيراً من المنظمات الدولية حالياً قد اعتمدت أسلوبا حديثا لقياس نمو الدول، كما أسلفنا، يبعد عن المقاييس القديمة كالتصنيف السابق لدول العالم إلى دول نامية و دول متطورة و دول صناعية، او دول ذات تخطيط مركزي الخ. بل إن احدث مؤشر للتنمية اعتمدته هيئة الأمم المتحدة في عام 1990 هو مؤشر التنمية البشرية HDI . والذي يعتمد بشكل رئيس على الحالة التعليمية أو المستوى التعليمي للشرائح السكانية بالدول حسب معيار معين (9,10 ). وقد ظهرت بعد ذلك لبعض المنظمات الدولية ذات الأهداف الخاصة والغير رسمية أساليب أخرى متعددة لقياس التنمية في دول العالم تعتمد بشكل رئيس على عدد من المميزات البشرية منها الحالة التعليمية ومستوى المعرفة والحالة الاجتماعية والأسرية وغيرها من الخصائص السكانية الأخرى (10).
نخلص من هذا إلى أن المفهوم الحديث للتنمية لم يعد ذلك المفهوم الذي كنا نسمع به سابقاً من حيث تصنيف الدول بناء على دخولها أو مستوى مقدراتها أو تجهيزاتها الأساسية أو نسبة العمران بها ،الخ. بل اصبح المعيار هو الإنسان ومدى نموه وتطور في الجانب المعرفي والخبراتي ، محدداً بذلك المفهوم الجديد للتنمية وعلاقتها اللصيقة بالتعليم . و حيث أن التخطيط يعرف كما ذكرنا في أبسط صورة بأنه البحث عن أفضل الوسائل لتعديل وتحسين الوضع القائم للوصول إلى صورة مثلى في المستقبل بأقل ما يمكن من المصادر والموارد . فهو البحث عن الأفضل وهو السبيل العملي لتنفيذ التنمية ، فلا مبرر للتنمية إذا كان الوضع القائم محققاً للغرض ومستوفياً لمتطلبات المجتمع . من هذا يتضح التزامن الفلسفي بين التعليم والتنمية المادية المحسوسة والتي تعكس حقيقة التنمية البشرية عبر المنجزات المدنية والحضرية التي يقوم سكان المدن غالبا بإنشائها وهذا في اعتقادنا سبب الخلاف أو اللبس في العلاقة الجدلية بين التنمية والتعليم فأحدهما نتاج للأخر ولكنهما مرتبطان بشروط الاستيطان الحضرية وهي الأمن والغذاء والمسكن والتي أيضا يمكن توفيرها بشكل افضل عند تطوير مهارات الفرد، فهي كدورة مستمرة. وكما هو معرف انه لا يوجد تاريخ أمة أقامت حضارة وشيد ت منجزات لم تكن أصلا مستوطنة للمدن أو القرى على أقل تقدير. وهكذا نكون قد أوضحنا مفهومنا للتنمية وعلاقته الوثيقة بالتعليم، و ننتقل إلى الحديث عن محرك التنمية الأول