تنتشر حالات تلوث ثمار الفواكه ومحاصيل الخضراوات بالمركبات الكيماوية سواء الموجود منها في التربة أو الهواء الجوي أو غيرهما. وتساهم بعض العمليات الزراعية كالتسميد وإبادة الآفات الزراعية بأنواعها في تلوث هذه النباتات بالمركبات الكيماوية الضارة، كما يعمد بعض المشتغلين في تسويق ثمار الفواكه إلى إضافة بعض المواد الكيماوية إليها لإطالة فترة تخزينها أو تحسين مظهرها أو غير ذلك. واكتشف العلماء أن الكثير من المركبات الكيماوية التي تلوث الخضراوات وثمار الفواكه لها تأثيرات ضارة بالصحة عند دخول كميات منها إلى جسم الإنسان.
تتنوع مصادر تلوث ثمار الخضراوات والفواكه بالمركبات الكيماوية خلال عمليات زراعتها ثم تخزينها وأهمها:ـ استخدام مبيدات الآفات الزراعية بأنواعها من حشائش ضارة وحشرات وفطريات وقوارض وجراثيم.ـ دخان حرق النفط ومنتجاته والفحم الحجري في السيارات والمصانع.ـ ارتفاع نسبة بعض العناصر الكيماوية في التربة كالسيلينيوم.ـ استخدام مياه الصرف الصحي غير المعاملة في ري النباتات.ـ استخدام بعض المركبات الكيماوية لإطالة تخزين بعض ثمار الفواكه.أملاح النترات والنتريتارتفع معدل التلوث البيئي بمركبات النترات والنتريت نتيجة التوسع في استعمال الأسمدة الصناعية في زيادة غلة المحاصيل الزراعية وانتشار استخدام مياه الصرف الصحي للمدن في الري، بالإضافة إلى ما يتكون منهما نتيجة عمليات أكسدة الأزوت العضوي بوساطة الجراثيم الموجودة في التربة والماء، وما يتكون منهما نتيجة التفكك الميكروبي للمواد العضوية النباتية والحيوانية في التربة والماء، وتوجد المركبات الأزوتية في التربة على شكلين:الأول: نتراتية وهي ناتجة عن عمليات الأكسدة الكاملة للأزوت العضوي.والثاني: نيتراتية ناتجة عن الأكسدة غير الكاملة لهذا العنصر.بالإضافة إلى أكاسيد الأزوت التي تتكون بفعل عملية تفريغ الهواء في أثناء حدوث البرق عند هطول الأمطار. ويختلف تركيز مركبات النترات والنتريت الموجودة في محاصيل الخضراوات والفواكه، وتصل أحيانًا إلى 100 ملجم لكل كيلو جرام منها، وترتفع نسبة النترات في ثمار الخضراوات الورقية كالخس والكرنب والملفوف وكذلك البطاطس، فمثلاً ترتفع نسبة النترات في ثمار الخضراوات بمنطقة فوجي في الصين نتيجة ارتفاع تركيزها في التربة ومياه الري فيها، ويعتقد العلماء بحدوث عملية الامتصاص لمركبات النترات والنتريت الموجودين في الطعام والشراب في الجزء العلوي من المعي الدقيق للإنسان، ويتخلص الجسم منهما رئيسًا عن طريق الكليتين إلى نتريت في جسم الإنسان نتيجة عمليات اختزالها بوساطة الجراثيم، ويؤدي حصول الجسم على مقادير كبيرة منها إلى ارتفاع تركيزها في اللعاب، ويمكن اختزال النترات إلى نتريت في الجهاز الهضمي للإنسان وخصوصًا في المعدة ويحدث بشكل أكبر في حالات انخفاض رقم حموضة المعدة (PH) لأكثر من 4، وتقوم النتريت بأكسدة خضاب الدم إلى ميثيوجلوبين فيصبح غير قادر على حمل غاز الأكسجين في الدم إلى خلايا الجسم أو يحدث ما يسمى متلازمة الطفل الأزرق في الأطفال لأن أجسامهم أكثر حساسية لدخول النترات إليها وإن كانت نادرة الحدوث. وقد تتفاعل النتريت في ظروف خاصة في الأمينات خصوصًا في الأمينات الثانوية والثلاثية والأميدات الموجودة في الطعام وتتكون مركبات نتروز أمين وهي عامل مسرطن لحيوانات التجارب. ولقد توجهت اهتمامات الدراسات الحديثة نحو التوقف عن استخدام الأسمدة الصناعية من نوع نترات في زراعة محاصيل الخضراوات لتجنب ارتفاع تركيزها في ثمار الخضراوات والفواكه أو العودة إلى استعمال السماد الطبيعي المحضر من روث الحيوانات المزارع عوضًا عنها لأن وجود تركيز مرتفع من النترات في هذه المحاصيل يؤدي إلى حدوث مشكلات صحية عند تحولها إلى نتروز أمين وهي ذات تأثيرات مسرطنة في حيوانات التجارب.مبيدات الآفات الزراعيةيقوم المزارعون بين وقت وآخر برش أشجار الفواكه ونباتات الخضراوات بالمبيدات الزراعية بهدف المحافظة على محاصيلها ضد ما تسببه الآفات الحشرية أو الفطرية أو القوارض من تلف لها، فيؤدي ذلك إلى تلوث ثمار الفواكه ومحاصيل الحبوب والبقول وبقية الخضراوات بهذه المركبات الكيماوية السامة وهي تدخل إلى جسم الإنسان عند تناوله الخضراوات والفواكه الملوثة بها، وتسبب حدوث التسمم أو اضطرابات صحية وأمراض الكبد والكليتين والأعصاب والدم وأعراض الحساسية منها، كما قد يؤدي دخول بعضها إلى تغير تركيب جزيء د.ن.أ الحامل للصفات الوراثية في خلايا الجسم فيسبب حدوث أورام سرطانية. وتتصف بعض هذه المبيدات بأنها ذات تأثير تجمعي أي تتجمع في جسم الإنسان ثم يظهر تأثيرها الضار مع تقدم الزمن وتكون تأثيراتها الضارة أشد على صحة الأطفال لصغر أحجام أجسامهم وكذلك على أجنة الحوامل لشدة حساسيتهم منها، وينتشر حدوث حالات التسمم نتيجة المبيدات الزراعية في المزارع والبساتين نتيجة أكل ثمار الفواكه والخضراوات دون غسلها جيدًا بالماء الصالح للشرب للتخلص من المبيدات الكيماوية وسواها التي التصقت بها.ولقد أدى التوسع في استخدام مبيدات الآفات الزراعية بأنواعها إلى تجمع أجزاء منها في التربة دون تمام تحللها نتيجة ثباتها الكيماوي فيها. وتتوقف فترة بقاء المبيد دون تحلل أو متحللاً جزئيًا في الأرض حسب نوعه وشدة تركيزه وطبيعة التربة ودرجة تهويتها، وساهم ذلك في زيادة تلوث محاصيل الخضراوات بها، كما يؤدي أحيانًا رش المبيدات الكيماوية خلال مكافحة الحشرات في المطبخ إلى تلوث الخضراوات والفواكه الموجودة فيه دون غطاء، وتحدث حالات التسمم بها وخصوصًا بين الأطفال، ومنها مركبات المالاثيون والباراثيون وداكلوركس وديازنون وكلوروثيون، ويحدث لهذه المركبات تحلل في أنسجة الكبد ثم تبقى نواتجها الأيضية ذات تأثيرات ضارة للجسم، وتسبب المبيدات الفوسفورية العضوية أضرارًا ملموسة على عمل الجهاز العصبي المركزي للإنسان، ويبدأ ظهور الأعراض الصحية للتسمم بها بعد حوالي نصف ساعة إلى ساعتين من التعرض لها، وهي تشمل الشعور بالغثيان والقيء، والتشنج البطني والتبرز المتقطع، وزيادة التعرق وفرط إفراز اللعاب وزيادة حجم الإفرازات في الجهاز التنفسي قد تسبب حدوث وذمة رئوية تبطئ عمل القلب أو تقلل ضغط الدم.ويزداد اهتمام العلماء بأهمية التوسع في عمليات المكافحة الحيوية بوساطة ما يسمى الأعداء الطبيعيين للحشرات الضارة التي تهاجم المحاصيل الزراعية لتقليل استخدام المبيدات الكيماوية ضدها وما تسببه من تلوث للبيئة قد تستمر آثاره زمنًا طويلاً فيها وتلوث الفواكه والخضراوات بها وما له من أخطار على صحة الإنسان.عنصر السيلنيومنشرت تقارير علمية عن حدوث حالة تسمم بعنصر السيلينيوم بين سكان قرية في الصين نتيجة استهلاكهم محاصيل خضراوات ارتفع فيها بشدة تركيز هذا العنصر، واتصفت هذه الحالة المرضية بحدوث التهاب عصبي تسممي صاحبه اضطرابات في الجهاز الهضمي، وعانى المرضى في البداية تخديرًا طرفيًا وآلامًا في الأطراف ثم تنميلاً وتشنجًا وشللاً واضطرابات عصبية وشللاً في الجسم. ونشرت تقارير علمية أخرى عن حدوث حالة التسمم بهذا العنصر في بعض المناطق بأمريكا الجنوبية نتيجة استهلاك نوع من المكسرات اسمه Coco de mono nuts (lecythis ollaria) يحتوي على نسب مرتفعة من مركب سيلينوسيستاثيون (يحتوي على عنصر السيلنيوم) وكانت له تأثيرات ضارة على الجهاز الهضمي والجلد والشعر والأظفار، وعانى بعضهم فترة في الجسم نتيجة حدوث التسمم الداخلي بهذا العنصر.الرصاصلاحظ العلماء ارتفاع نسبة عنصر الرصاص في المحاصيل الزراعية على جوانب الطرق السريعة المكتظة بالسيارات أكثر من الأخرى المزروعة بعيدًا عنها، ويكون الغبار العالق بثمار الخضراوات والفواكه ذا محتوى مرتفع من هذا العنصر نتيجة استخدام وسائل النقل البنزين المحتوي على الرصاص (الممتاز) في محركاتها وهو يحتوي على مركب رباعي إيثايل الرصاص كمادة محفزة على حرقه فيها، وينطلق الرصاص في الهواء الجوي مع الدخان المتصاعد منها، فمثلاً يحوي الجرام الواحد من غبار الشارع نحو 2000ملجم من الرصاص. وأوقفت حديثًا الكثير من دول العالم ومنها المملكة العربية السعودية استخدام البنزين الممتاز لأنه يلوث الهواء الجوي بهذا العنصر الضار بصحة الإنسان، كما يرتفع تركيز مركبات الرصاص في مياه الصرف الصحي للمدن غير المعالجة في محطات التنقية فيؤدي استعمالها في ري محاصيل الخضراوات وخصوصًا الورقية منها كالخس والجرجير والكراث والبقدونس والسبانخ والسلق إلى ارتفاع تركيز الرصاص فيها، كما تتلوث السوائل الحمضية مثل عصائر الفواكه كالبرتقال والخضراوات كالبندورة بهذا العنصر عند حفظها داخل علب من الصفيح ملحومة أو عند طلي جدارها الداخلي المعدني بدهان يحتوي على الرصاص، وكذلك عند حفظ الأغذية داخل أوعية مصنوعة من السيراميك طليت بدهان ملون فيه الرصاص.زيت البرافينتحظر القوانين الغذائية في العالم استخدام زيت البرافين ـ وهو أحد الزيوت المعدنية ـ عوضًا عن زيت الزيتون في الصناعات الغذائية، وخصوصًا في عمليات حفظ بعض الفواكه بالتجفيف كالمشمش والبرقوق والزبيب بعد اكتشاف العلماء تدخل هذا الزيت في عمليات امتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون في أمعاء الإنسان فهو يعوق استفادة الجسم منها ثم يتجمع الجزء الممتص من زيت البرافين في الأمعاء في نظام الـReticulum endothelial system كالغدد الليمفاوية والطحال والأنسجة الأخرى في الجسم، ويحظر شرب الزيت المعدني غير المكرر عن طريق الفم لعلاج الإمساك لاكتشاف تأثيراته المسرطنة للأمعاء، ومنذ عام 1966م حظرت القوانين الغذائية في المملكة المتحدة وإيرلنده وغيرهما من دول العالم استخدام الزيوت المعدنية ومنها زيت البرافين في العلاج وكمادة تضاف إلى الأغذية في أثناء تصنيعها، لكنها توافق على استعمال مركبات هيدروكربونية معدنية أخرى وشموع بنسبة 0.5% في حفظ الفواكه الجافة كالمشمش والبرقوق والزبيب، وبنسبة 0.1% في تغطية ثمار الحمضيات لإطالة فترة حفظها وإكسابها لمعانًا في لونها يرغبه المستهلكون، كما يستعمل البعض مركب نيساتين كمضاد حيوي ضد نمو الفطريات التي قد تنمو على ثمار الموز وتسبب فسادها وهو لا يتغلغل عبر قشورها فلا خوف من استخدامه فيها، كما يعمد بعض المشتغلين في تسويق ثمار التفاح إلى تغطيتها بطبقة رقيقة من الشمع لزيادة طول فترة تخزينها دون فسادها.في حفظ الخضراوات والفواكهشاع قديمًا في عمليات حفظ بعض الأغذية داخل علب الصفيح كالفاصولياء الخضراء والبازلاء إضافة نسبة صغيرة من مركب كبريتات النحاس بهدف تحسين لونها الأخضر وجعله زاهيًا يرغبه المستهلكون، ثم أوقف ذلك لأنه يلوث هذه الأغذية بعنصر النحاس وهو ذو خطورة على صحة مستهلكيها، كما يستعمل غاز ثاني أكسيد الكبريت أو أحد مركباته لإطالة حفظ الخضراوات والفواكه المجففة ضد فسادها بوساطة الفطريات والخمائر لكنه يؤدي إلى تحطيم فيتامين ب1 (الثيامين) نتيجة اختزاله فيفقد فعاليته الغذائية في الجسم.خلال تخزين الفواكه والخضراواتيؤدي سوء تخزين محاصيل الفواكه والخضراوات كالجزر والبطاطس والبصل والبطاطا في ظروف ارتفاع الرطوبة ودرجة الحرارة إلى سرعة نمو فطريات عليها ثم تتلوث بإفرازاتها من المركبات الكيماوية ومنها مواد ذات نشاط هرمون الإستروجين لها تأثير ضار على صحة الإنسان خصوصًا عند دخول كميات كبيرة منها إلى جهازه الهضمي.نصائحـ ضرورة ممارسة عمليات الغسيل الجيد لثمار الفواكه والخضراوات وخصوصًا الورقية منها قبل طبخها أو تناولها للتأكد من خلوها من الملوثات بأنواعها الكيماوية والميكروبية.ـ عدم استخدام مياه الصرف الصحي دون معاملتها بطرق التنقية الضرورية المعتمدة صحيًا في محطات تنقية مياه الصرف الصحي للتخلص من الملوثات الكيماوية الموجودة بنسب مرتفعة فيها ومنها المعادن الثقيلة مثل الرصاص والزرنيخ والزئبق.ـ عدم الإفراط في استخدام الأسمدة الكيماوية المحتوية على نترات في زراعة محاصيل الخضراوات.ـ ضرورة تخزين الخضراوات وبخاصة الدرنية منها كالبطاطس والبطاطا والقلقاس في ظروف تعوق فسادها بالفطريات والجراثيم
الخميس أبريل 08, 2010 6:14 am