"وسائل الإعلام القديمة لا تموت، لكن قدرها أن تشيخ وهي رابطة الجأش" دوغلاس آدمز، من كتاب (دليل السائحين في المستقبل).
منذ بدايات الثورة الرقمية، أخذ المعلقون بتأمل الرؤى المستقبلية للكتاب، وتساءلوا هل بإمكان الكتاب أن يواصل طريقه حياً جنباً إلى جنب مع ضروب التكنولوجيا الجديدة؟ ففي عصر أصبح فيه النص المكتوب قادراً على الوصول إلى كل شبر في العالم عبر مختلف الأدوات، وأصبح الكتاب فيه منافساً لأنماط عديدة أخرى من أنماط المتعة، هل يبدو الكتاب نمطاً من التكنولوجيا التي عفا عليها الزمن أم رفيقاً لازال يتمتع بحيوية الشباب، ويمكن الركون إليه؟ فأي مستقبل يمكن أن نرى للكتاب؟
إذا كان الكتاب قد ولّى زمنه، فكيف لنا أن نفحص لنتأكد من ذلك؟ هل يكون ذلك عندما نرى القرّاء أضحوا متتبعين شغوفين بقراءة الرواية من خلال هواتفهم الجوّالة؟ أو عندما نرى الصغار يدرسون مستعينين بحاسباتهم المحمولة تاركين وراء ظهورهم المصادر المطبوعة؟ أو عندما يبدأ أقل من نصف الكبار في أكبر اقتصاد في العالم بقراءة الأدب؟ أو عندما يقوم أحد ناشري الكتب الناجحين بالتخلص من برنامجه الطباعي ببيعه ليركز جهوده على المصادر والخدمات الالكترونية؟ أو عندما يبدأ مستخدمو القاموس باستشارة ما حررته الأقلام الإلكترونية في سعيهم للحصول على تعريف أو ترجمة ما؟
هذا هو ما عليه عالم اليوم. وإذا ما واصلت هذه التوجهات طريقها، فإن مستقبل الكتاب بمعناه التقليدي سيكون بالتأكيد محل نظر. لكننا إذا استخدمنا أساليب أخرى في الفحص، مثلاً في عدد الكتب التي يتم نشرها كل سنة، أو النجاح الذي يحققه كتّاب على مستوى فردي مثل جي. كي. رولنغ، نجد أن الكتاب بقي صامداً في مواجهة التغيرات التي حصلت في مجال التكنولوجيا والثقافة والمجتمع، بل أن هناك مفارقة ظاهرة، وهي أن العالم الذي يسعى إلى أن يكون رقمياً أصبح عوناً للكتاب في بقائه حياً، ذلك أنّ الكتاب بإمكانه أن يبقى بشكله الطباعي لأمد غير محدود حينما يكون مطروحاً للشراء في أي مكان من العالم.