إن مفهوم الجودة الشاملة في التعليم له معنيان مترابطان: أحدهما واقعي والآخر حسي ،
فالجودة بمعناها الواقعي تعني التزام المؤسسة التعليمية بإنجاز مؤشرات ومعايير حقيقية مثل معدلات الترفيع ، معدلات الكفاءة الداخلية ، معدلات الكفاءة الخارجية ... ،
أما المعنى الحسي للجودة فيرتكز على مشاعر وأحاسيس متلقي الخدمة التعليمية كالطلاب وأولياء الأمور ، أو بمعنى آخر تعبر عن تعبر عن مدى اقتناع ورضى المستفيد من التعليم بمستوى وكفاءة الخدمات التعليمية ، فعندما يشعر المستفيد أن ما يقدم له من خدمات يناسب توقعاته ويلبي احتياجاته الذاتية ، يمكن القول بأن المؤسسة التعليمية قد نجحت في تقديم الخدمة التعليمية بمستوى جودة يناسب التوقعات والمشاعر الحسية لدى المستفيد ، وأن جودة خدماتها قد ارتفعت إلى مستوى توقعاته.
وهذا يتطلب من التربويين على اختلاف مستوياتهم التأكد من توافق مواصفات الخدمة التعليمية مع توقعات المستفيد منها ، وفي حالة وجود فجوة بين المواصفات والتوقعات يجب تحديد أبعاد هذه الفجوة وأسبابها والعمل على تجاوزها باتخاذ كافة الإجراءات التصحيحية المناسبة .
المنطلقات السبعة للتعليم مرتفع الجودة:
1. يتميز التعليم مرتفع الجودة بقدرة الطالب على اكتشاف المعرفة بنفسه ، فلا بد للطالب من امتلاك مهارات البحث والقدرة على التحليل والتركيب والتقويم من خلال أساليب التعلم المناسبة، حتى يتمكن من الاعتماد على الذات في اكتساب المعرفة عوضاً عن الاعتماد الكلي أو شبه الكلي على المعلم أو من يقوم مقامه ، وهذا لا يلغي دور المعلم، ولكنه ينظر إلى دور المعلم كمشارك ومنسق للعملية التعلمية.
2. يتميز التعليم مرتفع الجودة بقدرة الطالب على الاحتفاظ بالمعرفة لمدى طويل ، إذ تشير البراهين العلمية إلى أن التعليم الذي يركز على الفهم يمكّن الطالب من الاحتفاظ بأكبر قدر من المعلومات مقارنة بالتعليم الذي يركز على الحفظ والاستظهار.
3. يتميز التعليم مرتفع الجودة بتنمية قدرة الطالب على رؤية العلاقات بين المعرفة القديمة والمعرفة الجديدة، ذلك أن الخبرات الماضية لا يمكن تجاهلها بل هي أساسية للحصول على الخبرات الجديدة.
4. يتميز التعليم مرتفع الجودة بقدرة الطالب على صناعة معرفة جديدة ، إذ يتعين أن يساعد التعلم مرتفع الجودة الطالب على الاكتشاف المستقل وتكوين استبصارات جديدة.
5. يتميز التعليم مرتفع الجودة بقدرة الطالب من خلاله على تطبيق ما لديه من معرفة على حل المشكلات، فالتعليم الجيد هو الذي يساعد الطالب على مجابهة المواقف المختلفة التي يتعرض لها.
6. يتميز التعليم مرتفع الجودة بقدرة الطالب على توصيل ما لديه من معرفة للآخرين
7. يتميز التعليم مرتفع الجودة برغبة الطالب في معرفة المزيد ، أي أن الطالب يتهيأ للاستمرار في التعلم مدى الحياة ويمارس ذلك فعلياً ، فالحياة برمتها باب للتعلم الذي لا ينتهي.
الظروف المساعدة على تحقيق التعليم مرتفع الجودة :
يحدث التعليم مرتفع الجودة عندما يكون الطالب مستعداً معرفيا ووجدانياً للوفاء بمتطلبات مهام التعلم، ووفقاً لهذه الرؤية فإن من العبث أن يطلب المعلم من طلابه أن يؤدوا مهاماً معينة لا يمتلكون المهارات اللازمة لأدائها ، وكثيرا ما يتجاهل القائمون على التعليم والتعلم هذا البعد ويركزون أكثر على اكتساب المهارات والمعارف لدرجة أنه أصبح توفير المناخ الملائم لحدوث التعلم مرتفع الجودة أكثر صعوبة من المهارات والخبرات نفسها.
يحدث التعليم مرتفع الجودة عندما يكون لدى الطالب سبب للتعلم وكلما كان السبب وجيها كان التعلم أفضل ، في الوقت الحاضر يعد اجتياز الاختبار أقوى الأسباب ، ولذلك يجب أن تصمم وسائط تقويم الأداء الطلابي بشكل ومضمون يشجع على التعلم مرتفع الجودة وليس مجرد حفظ الحقائق المجردة ، حيث لا ينبغي أن يكون اجتياز الاختبار هو الهدف الوحيد ، أو شرط للتعلم مرتفع الجودة.
يحدث التعليم مرتفع الجودة عندما يربط الطالب المعرفة السابقة بالمعرفة الجديدة بوضوح ، فكثيرا ما يتم تصميم المناهج الدراسية على افتراض أن الطلاب لا يمكنهم أن يتمشوا مع المنهج إلا عبر الأساسيات الجديدة دون ربطها بالأساسيات السابقة ، فيصبح التعليم مجزأ الطابع والمضمون بدلا من أن يكون مترابطاً متكاملاً.
يحدث التعليم مرتفع الجودة عندما يكون الطالب نشيطاً في أثناء عملية التعلم ، وعلى ذلك يصعب أن يكون الطالب نشيطاً في مواقف التعلم القائمة على التلقين والإصغاء فقط. أما المواقف التعليمية المبنية على العمل وعلى التفاعل وعلى الأنشطة فإنها توفر فرصاً أفضل لنشاط الطالب.
يحدث التعليم مرتفع الجودة عندما تقدم البيئة دعماً كافيا للطالب . ويدخل تحت عنصر البيئة أشياء كثيرة منها : الإمكانات المادية ، المرافق والتجهيزات ، ووفرة العلاقات الإنسانية والمناخ الاجتماعي الداعم ، والتشجيع والتحفيز ، والروح المعنوية المرتفعة ، وضبط الوقت والتنظيم المرن.